إعلانك معنا يعني الإنتشار

أعلن معنا
مقالات

حروب الغزاة الدواعي والأثر

بقلم /د.نجم الدين صالح

حروب الغزاة الدواعي والأثر

بقلم /د.نجم الدين صالح

لم تمضي السنوات الأولى من الخمسينيات إلا وقد استدركت الدول الغربية الثلاث (أمريكا وبريطانيا وفرنسا) أنهم شركاء لمعسكر مختلف عنهم في التكوين والقناعات السياسية والثقافية(الصين وروسيا) وأنه يجب أن يتخلصوا من شركائهم ليكونَ لهم العالم كما كان سابقاً مع شريكهم الجديد الإمبراطور العالمي الأمريكي الجديد. بيد أن الدولتين الأوروبيتين كانتا قد ازعنتا لقيادة أمريكا للمعسكر الأوربي نتيجة انحسار الموارد للدولتين الأوروبيتين أمام توحش رأس المال الأمريكي الذي سيطر على العالم. وقد خاض هذا المعسكر معارك غير مباشرة استهدف فيها الإتحاد السوفيتي في أكثر من جبهة لإستهلاكه وإنهاكه فاشعلت حروب في بنما وهايتي وكوبا وكمبوديا وفيتنام ونيكاراغوا وكلها معسكرات سوفيتية أو سوفيتية صينية وأدخلت الإتحاد السوفيتي في معركة أفغانستان ثم دعمت المقاومة الإسلامية هناك لهزيمة الروس ثم تمضي الأمور لصرع الدب الروسي من الداخل وتحطيمه وإنتهاء أسطورته وضم جزء مقدر من شرق أوروبا إلى المعسكر الغربي وكذلك الاجهاز على يوغزلافيا. لم يغب الشرق الأوسط أثناء هذا الصراع الكبير عن محط أنظار الولايات الأمريكية المتحدة فقد كانت منطقة الشرق الأوسط بؤرة للصراعات التي ترعاها و ويرجع ذلك لسببين أساسيين ، الأول توافر موارد الطاقة والمياه في المنطقة.. والثانية التركيبة الشعبية الثقافية المقاومة للهيمنة الغربية بعكس شعوب مناوئه خاضت حروب وخسرت ملايين الأنفس وخسرت إمكانياتها المادية ومكانتها الدولية ولكنها انسجمت بسرعة مع المعسكر الغربي كاليابانيين والكوريون والألمان والايطاليون وحتى بعض دول أمريكا اللاتينية. بل ان دول لم تكمل عشر سنوات من استقلالها تبنت المقاومة السياسية وانخرطت في تكوين أكبر عمل سياسي كاد أن يطيح بمشروع الهيمنة الغربية عبر مؤسسة مجلس الأمن فيما عرف بتجمع دول عدم الإنحياز والذي لعب فيه الرئيس عبدالناصر دوراً رئسياً. ثم كانت الصفعات التي أدت لتفعيل خيارات المقاومة للهيمنة الغربية في دول هي أيضاً من نفس المنطقة فكان المشروع العراقي الحليف للروس والذي طرح مشروع تحرر عربي من الهيمنة الغربية وفي تاريخ لاحق المشروع الليبي العربي وأيضاً هو حليف روسي و المشروع الإيراني الشيعي المناهض للهيمنة الغربية وهي مشروع منفصل بإمكانياته الذاتية. واستثني المشروع العربي المصري من الصراع بعد إنخراط الرئيس السادات وحسني مبارك في مشروع التطبيع الإسرائيلي الذي يعني القبول بالهيمنه الغربية. وأخيراً جاء نجاح المشروع الراديكالي السني الإسلامي في السوداني والذي فجر الرغبة لتحرير مشاريع أُخرى في أفغانستان وتركيا وباكستان واليمن والصومال عندها أيقنت أمريكا أنها بصدد خوض معارك أخرى لم تكن في أولوياتها ولكن هذه المرة لم تكن بطابع تقليدي كالذي يحسم الحروب مع الممثل الهيكلي لهذه الدول وإنما معارك قاصمه تستهدف تفتيت هذه الشعوب بكل تكوينها البشري والمادي والهيكلي لما يعرف بقوام الدولة وتكوينها الصلب وشمل المشروع الأمريكي الغربي تدمير حتى المشاريع التي هي تحت التكوين كالإمتداد الإيراني السوري والإمتداد الإيراني اللبناني والادإمتداد الإيراني السني الفلسطيني والمشروع التونسي فيما يعرف بمخطط الفوضى الخلاقه. بيد أن الامريكان تفاجؤوا خلال هذه الفترة منذ أواخر التسعينات نمواً متصاعداً للعدو الإستراتيجي الثاني في وقتها (الدولة الصينية) فأدخلت الصين في أولوياتها بعد أن كانت مؤجله بعد الاجهاز على الروس والذي تم في التسعينات.. ولولا مقاومة الشرق الأوسط الشرسه التي أرغمت الدولة الأمريكيه للإلتفات لها لكانت المواجهة الأمريكية الصينية قد اشتعلت.
قامت الدولة الأمريكية بطرح مشروعها على جزءً من المكون العربي واختارت الإمارات والممالك العربية كحلفاء وهي شراكة قديمة في الاصل وطلبت منهم التعاون صكا لإستبعادهم من الإستهداف بل واختارت شركاء من بين أفراد أسرهم الحاكمه لم يكونوا في صلاحية الحكم وقامت بإيصالهم تنفيذاً لمخططها عبر شراكة حقيقية في مخطط يستهدف نسف الدول الجمهورية المجاورة لهم فكانوا بعض أدواتها في المنطقة ونابوا عن الدولة الأمريكية في كل الأدوار الغرزة التي تستحي أمريكا القيام بها.
كان لرجوع الدب الروسي بواسطة الرئيس بوتين أثراً في إربكاك و تراجع تنفيذ المخطط الأمريكي وفي تنظيم الأولويات وتنظيم ترتيب الملفات الساخنة التي ترعاها أمريكا ودخلت الإدارة الأمريكية في صراع الأولويات، فكان الإختلاف في ترتيب أولويات الإستعداء مابين ..
١/ الروس وهو الذي يتبناه الديمقراطيون البيض
٢/ الصين وهو الذي يتبناه الجمهوريون
٣/ مشروع الشرق الأوسط الجديد لصاحبه برنارد لويس وهو الذي يتبناه الصهينيون الامريكيون

وتمضي الأيام ليكتشف الأمريكان أن إختراقاً صينياً روسياً قد حدث في أفريقيا وأن أمريكا اللاتينية تسعى لخلق شراكات أفريقية وشرق أوسطية مناهضة للهيمنة الغربية.
كل هذه الحروب والإنتهاكات التي خاضتها أمريكا كانت تجر فيها حليفيها رغماً وليس حباً وبالأخص بريطانيا. بيد أن أكبر إنتصار للأمريكيين كان بالتقارب الألماني في قضية أوكرانيا والتي أُريد منها معركة أخرى مع الدب الروسي لإسقاطه ولكنه كان قد أعد لها جيداً واستطاع أن يقلب الموازين لصالحه كما أنه تشير التوقعات أن أكبر المتضررين من كل هذه الحروب ستكون القارة الأوربية التي انهكت بحروب أثرت على إقتصادياتها كما أن شعوبها بدأت تستشعر أنها تدفع ثمن الحروب التي تخوضها أمريكا في محاولة الاحتفاظ بصدارة المشهد الدولي.
في ظني لن تصمد أوروبا كثيرآ وسينهار حلف الفضول الذي بينها وبين أمريكا وستنئى بنفسها وعندها ستقف أمريكا لوحدها أمام أعداء كُثر يمكنهم ساعتها صراعها وإنهاء هيمنتها المنفردة . بيد أن أكبر معوّل لكل هذا سيكون في تماسك الدول المستهدفة أمام هذه الهجمات البربرية الشرسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى