البُعد الإستراتجي للإنسحاب من المواقع العسكرية
حسن البصير يكتب
هناك كثير من السودانيين فى حالة توتر و إنزعاج لعملية الإنسحاب الذي يقوم به الجيش السوداني من بعض المواقع العسكرية و لعدم المعرفة بطبيعة و إدارة العمليات الحربية جعل البعض يحللون من دون خلفيات مما خلق شيء من الإحباط وسط الرأي العام
هناك حقيقة قد أشار لها خبراء عسكريين و إستراتجيين من الذين تم إستطلاعهم عن الحرب فى السودان و تحدثوا بأن هذه الحرب لها واقع فى غاية التعقيد و تعتبر من أشرس الحروب التي شهدها التاريخ حيث أن العدو الذي يواجه القوات المسلحة السودانية كان جزء من المنظومة العسكرية و كان يُأمنْ المواقع التي سيطر عليها بعد إندلاع الحرب إضافة إلى أنه كان يحضر لخوض الحرب و يحشد لها من الإمكانيات و العتاد من وقت مُبكر وهذا من لم يحدث في التاريخ الحديث أو فى حروب القرون الاَوسطي و لعل هذا ما أدهش الجميع لحجم الصمود الذي جسده الجيش السوداني.
كما أشاد الخبراء العسكريين بقدرات القوات المسلحة السودانية و مواجهتها لقوة بهذا الحجم من الكثافة العددية و كثافة النيران مع الدعم لوجستي و الإمداد المفتوح فى حرب مُدن بها بكثافة سكانية عالية و يُحدث فيها خسابر بشرية و مادية بهذا القدر
و عمليات الإنسحاب التي يقوم بها الجيش من بعض المواقع تعتبر جزء من الخطة العسكرية التي وضعتها القيادة لإدارة المعركة و إنهاء التمرد المسلح ففى حرب المدن يبقي صاحب الارض محتفظا بمواقعه لا يتحرك الا حسب الخطط التي تستدعي الإنسحاب و ذلك للعديد من الاهداف أهمها
# الالتفاف لضرب تجمعات العدو بعد أخذ إحداثيات الموقع عبر القصف المدفعي المركز و سلاح الطيران و هذا لا يُعد هزيمة للجبش كما يروج البعض
# إنهاك العدو و شل مقدراتة و قطع خطوط الإمداد ( جبل أولياء ) نموزج
# تقليل حجم الخساير البسرية للقوات المسلحة فى عمليات المواجهات فالهدف الأساسي هو القضاء على التمرد و ليس الاحتفاظ أو تحرير منطقة
# إجبار العدو لحشد قواته من الارتكازات و إخراجهم من المواقع السكنية و فتح ثغرات فى الصندوق القتالي بإستدراح العدو ثم إدخاله للمواقع مما يُسهِل عملية إستهدافه
# نقل قوات التمرد الحرب إلى خارج العاصمة و السيطرة علي حاميات فى غرب البلاد يدلل علي النجاح فى خطط الجيش و تراجع المليسيات و فشلها في السيطرة علي مواقع عسكرية ( المدرعات ) نموزج
# إنسحاب الجيش من بعض الحاميات فى دارفور أجبر الحركات المسلحة من انهاء حالة الحياد للمشاركة فى القضاء على الجنجويد الذي عمل على القيام بانتهاكات و ابادة جماعية لبعض المكونات فى الاقليم
# كذلك فإن إنسحاب الجيش من حاميات الجنينة و نيالا و زالنجي يحيد دولة تشاد من دعم الجنجويد الذين يشكلون تهديدا للنظام التشادي فى المستقبل
كما أن الانسحابات لها خطط تُدرس فى الكليات و المعاهد العسكرية فى كل جيوش العالم و لا تعني باي حال خسارة المعركة فالعبرة بالخواتيم