شـــــــوكة حـــــــوت محمد عبدالوهاب ياسرمحمدمحمود البشر

شـــــــوكة حـــــــوت
محمد عبدالوهاب
ياسرمحمدمحمود البشر

هناك أناس يصنعون الأحداث فى صمت وينتظرون النتائج وآخرين يحسبهم الناظر إليهم إنهم ضيوف على مسرح الحياة زادهم فيها التواضع ، التواضع الذى يزينه الصمت والتفكير العميق والتعامل مع المعطيات ومحمد عبدالوهاب الذى أعنيه هو واحد من أمهر مصممى الصحف فى السودان قد لا يعرفه القراء لكنه واحد ممن يضعون اللمسات الأخيرة للصحف ويقدمونها للقراء فى أبهى صورها ومحمد عبدالوهاب هو الأخ الشقيق للأستاذ أحمد عبدالوهاب مدير تحرير صحيفة ألوان ورئيس تحرير صحيفة الحرة وعدد من الإصدارات الصحفية وكاتب عمود فنجان الصباح وقد رضعا الأدب والصبر والصمت من ثدى واحد بيد أن محمد يتفوق على أحمد بكثير من الصمت وكثير من العمل أيضا وقد عملت مع محمد عبدالوهاب بصحيفتى رأى الشعب والحرة وهو رجل كما النسمة فى تعامله وراقٍ حد الدهشة يأثرك بصمته وسمته الجميل*.

*تفرقت بنا السبل بعد أن أصبحت الصحافة الورقية تحت رحمة الصحافة الألكترونية وإنقطعت عنا أخبار هذا الرجل وفى الإسبوع الماضى كنا فى زيارة الى ولاية نهر النيل برفقة وزير الثروة الحيوانية وعدد من زملاء المهنة منهم بكرى المدنى وعاصم البلال الطيب والطاهر ساتى ومصعب محمود وتوقف بنا ركب الوزير بمحطة شندى لتناول كوب من الشاى وفى هذا الأثناء إلتقينا محمد عبدالوهاب ووجدناه بذات الأدب والتهذيب وسألناه عن حاله وعن أحواله وموقعه فى معترك الحياة بعد هذه السنوات العجاف التى عاشتها وتعيشها الصحافة الورقة والتى شهدت تراجعا فى المبيعات والتوزيع حتى أصبحت السفارات والمنظمات الأجنبية هى أكبر مشترى للصحف*.

*رد علينا محمد عبدالوهاب بكل هدؤ قائلا أنه ترك العمل فى مجال التصميم الصحفى وترك الخرطوم وعاد الى وطنه الأصلى بولاية نهر النيل وفتح له محل مرطبات بموقف شندى (الأصلى) وليس موقف شندى ببحرى وذلك الموقف حمال وجهين وبذلك يكون محمد عبدالوهاب قد نفذ شعار الهجرة العكسية من العاصمة الى الريف فمن المؤكد أن الرجل قد مزق عدد من الفواتير التى تستهلكها الخرطوم وإكتفى بالعيش بالريف يعيش حياة بسيطة خالية من التعقيدات لا يحمل هموم الإيجار والمواصلات وفوق هذا وذاك قد إختط له نمط معيشة وفق ما يدره عليه السوق من رزق حلال من دون أن يرهن نفسه لوظيفة وراتب ومرتب وليس من المهم أن يكون موظف أو مصمم صحفى ويقصر حتى فى الحصول على لقمة أولاده ومعاشهم ومن المؤكد أن هناك عشرات الآلاف مثل محمد عبدالوهاب قد هجروا الخرطوم وعادوا الى مسقط رأسهم بعيدا عن ضوضاء المدينة وبريقها الكذوب وما أحلى حياة الريف وبساطتها لو كنتم تعلمون*.

*شكرا محمد عبدالوهاب على هذا الدرس وأنت تقف على مسرح الحياة لتؤكد أنه ليس بالوظيفة وحدها يحيا المرء وفتحت باب من أبواب الرزق وعلى كل فإن العمل فى مجال التصميم الصحفى لم يعد ذو فائدة فى السودان لذلك كانت هجرته العكسية من العاصمة الى الولايات لله درك يا محمد وأنت تمثل العنوان البارز فى غرس بذور الأمل فى طريق من سدت الحياة أبوابها أمامهم وأصبحت الخرطوم عندهم سجن من دون أسوار ومن كان يؤمن بالخرطوم بأنها مكان يصلح للسكن فإن الخرطوم قد (تريفت) ولم يعد لها من المدنية حظ إلا الغابات الأسمنتية فقط أما الخدمات فلا تتعدى كونها تمثل الحد الأدنى من متطلبات الحياة وتبقى الهجرة الصغرى هى الخيار الأفضل أما الهجرة الكبرى فقد أصبحت حلم يراود كل الشباب وأصبح الهم فى (النجيع والصى)*.

نـــــــــــــص شـــــــوكــة

*يا معشر السودانيين من إستطاع منكم الهجرة الكبرى فليهاجر ومن لم يستطع فعليه بالهجرة الصغرى فهى أحفظ لماء الوجه وقليلة تكاليف الحياة حيث يحيا المرء بعيدا عن حياة المظاهر والشوفنية وتبقى الهجرة الصغرى خيار لابد منه وإن طال السفر* .

ربــــــــــع شـــــــوكـة

*الجسد وسط المدائن والقلب فى الريف أتارى*.

 

yassir.mahmoud71@gmail

السابق

مجلس إدارة المواصفات يشيد بأداء العاملين ويجيز تقارير أداءها٠

السابق

قناة الخرطوم .. برمجة رمضانية شعارها الوعي والاستنارة.

أكتب تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *