
صديق دلاي
أعرف السيد محمد ضياء أنه أصلب عناصر البعث العربي , عذبته الإنقاذ، وكان جسورا، وناضل باستمرار ضد الإنقاذ بمواقف راسخة حتي رفضه لصورة تذكارية مع الخواض ذات يوم، يفهم منها معني أن تكون معارضا شرسا..
حصافة الرجل ورؤيته للحلول وفضحه للإنقاذ في كل صغيرة وكبيرة كان مشهودا له عبر حوارات كثيرة، وحينما تم تعيينه مديرا للمواصلات
استبشرنا به خيرا وقلنا إنه “جهيزة” هذا الموضوع ولن يكلفه كثيرا من الوقت حتى يضع النقط على حروف الأزمة. وتاتي الحلول طائعة مجبرة علي المغادرة بالتدبير والتخطيط والمتابعة والاشراف والسهر..
وسرتنا جدا بدايته القوية من الفديو الشهير، وهو ينصح كل من جاء عن طريق المخابرات او مجاملات الوطني المحلول عليه أن يغادر بسرعة عالم المواصلات…
فرحنا جدا بهذه العزيمة الجديدة، وقلنا لقد جاء لأزمة المواصلات من يحسم تطاولها المستمر. وانتظرنا طويلا والمحير جدا أن الأزمة تطاولت أكثر. وعقدت اكثر. واختفي محمد ضياء لشهور بلا تصريح ولا توضيح، ولا استقالة نفهم منها وعورة الطريق، وابتعاد التنظير عن الواقع، ولو فعلها لاحتفظ بجسارته القديمة، ولكنه اختار الصمت مع استمراره مديرا عاما لشركة مواصلات ولاية الخرطوم..
طريقة ضياء في التعامل مع مواصلات الولاية محيرة جدا، فالرجل تحمل مشاهدة كل شئ دون أن يحرك حجرا صغيرا، لتحريك القضية المتطاولة، وظل متواجدا في قروبات الواتساب بقلم فصيح، ونكات وتريقة، وكأنه حل قضية المواصلات في أول نصف ساعة وتفرغ لخصومنا المشتركين وهم بالطبع من ارباب الثورة المضادة..
نتفق معه في كل أساليبه ضدهم وتلك مسألة مختلفة.
طبعا
من المؤكد أنه واجه مصاعب حقيقية من وزارة المالية وغيرها، ولكن هناك خطوات مجانية لوضع بعض الحلول السهلة والجيدة المتسقة مع نضاله القديم وحجته الباتعة , لو تواصل مع لجان المقاومة في المقرن، أو غيرها في ولاية الخرطوم ودفعها وحثها على الانتشار في المواقف.. اذن لحسم جشع أصحاب الهايسات الذين تفننوا في تعذيب المواطن البسيط، وهو ليس إلا امراة مسنة، أوطالبة حزينة في مساء متأخر، او عائلة عائدة من المستشفى، أو عامل منهك بجنيهات بسيطة لا مناص من دفعها ليركب الهايس.. وكلهم المعذبون يوميا أمام محنة المواصلات يدفعون مجبرين ليصلوا بيوتهم مهما كان الأمر مكلفا وصعبا..
بل هناك خطوات أسهل , بإحصاء المركبات عن طريق تلفون عادي مع مدير عام المرور، وبالترتيب مع إدارة البترول بإعطاء الأولوية لتلك الحافلات بكروت معينة، وعدد من الرحلات ثم توجيههم بسعر معين ومراقبة لصيقة من شباب المقاومة. و لا أتوقع أن تفوت كل تلك الخطوات السهلة علي حصيف ومخلص مثل ضياء، ولا نملك إلا وضع أكثر علامات ممكنة من التعجب.. ومع ذلك سنحترم الخطوات من السيد ضياء لتخرجه من اللوم والصمت لو تحرك من الصفر القديم...
لن نقول له أذهب للجيش أو الشرطة وأطلب بصات مسائية لنقل المواطنين الحيارى في رحلات الذروة لتخفيف الضغط عليهم وفك احتكار الجشعين وهم يستنذفون الجميع بورقة التوصيل تحت ظروف صعبة،،
بل نقول له اذهب لحمدوك ليشاهد المواطن المعذب حتى يتفاعل مع الحال المايل في أسخن قضايا المواطن المسكين،
ليصدر قرارا للمالية، فليس في الجمهورية أهم من توصيل شعبه إلى بيته بالسعر المعقول والوسيلة المتوفرة..
الغريب في الأمر أن محمد ضياء لا يحتاج إلى أي نوع من لفت النظر لأنه يفهم جيدا واجباته وتحدياته وخصوصية مهمته وأن أزمة المواصلات يومية ومؤثرة جدا وواضحة وضوح الشمس في كبد السماء..
هناك حلول ثورية وخلاقة لو جربها وفشلت لن يلومه أحد , مثلا: إعلان نداء عاجل للثوار بالتوجه لمقر الشركة لكل من له خبرة في الميكانيكا ليساهم في اصلاح البصات المعطلة في حوش المواصلات لتدخل الخدمة وتخفف بعضا من الأزمة..
وبالطبع لو نجحت التجربة والنداء سيكون مشهدا ثوريا حافلا بالابداع..
ولكنه لم يحصل، وظل ضياء يجيد الصمت إلا في القروبات…