زيارة شيخ موسى


أسامه عبد الماجد: اذا عرف السبب

  • بدت مئات السيارات في صفوف طويلة وتتلوى في كل الشوارع المؤديه الي منزله مثل أفاعي ضخمة قرأت عنها في القصص القديمة .. وجدت نفسي مضطرا لقطع مسافة ليست بالقصيرة للوصول للمنزل .. بحي المعمورة بالخرطوم.
  • المكان يضج بحركة غير عاديه.. ضيوف من كل أهل السودان استقبلهم الزعيم العشائري ذائع الصيت الشيخ / موسى هلال .. مجموعة من الشباب تقوم بعمليات التعقيم وهم يستقبلون الضيوف.
  • وعلى مسافة كانت تنحر الأبل الاصيلة وكأنها قادمة للتو من مستريحة معقل هلال بفيافي شمال دارفور.. رغم ان الموائد مليئة بكثير جدا من اللحم مع قليل من الارز.
  • باغتني أحدهم وكأنه يعرفني .. اتفضل معاي يا أستاذ للشيخ.. عبرت الزحام وتجاوزت سرادق الفرح الضخمة في الشارع.. من بعيد وفي باحة المنزل الفخم .. لاح شيخ موسى بطوله الفارع .. كان يودع وفدا ، رفيعا من دولة عربية شقيقه.
  • هو ذاته شيخ موسى باناقته المعهودة .. ويعتمر عمامته الصغيرة التي اشتهر بها.. بدأ لي كأنه لم يتوقف يوما عن تأديه التمارين الرياضيه.. ربما لأنه قليل الاكل والسهر.. كان يقف وقفه عسكرية كأنه (فريق أول) وهي رتبه يستحقها الشيخ باقتدار وبكسبه .. لا أن يكون جنديا كما زعموا عند محاكمته.
  • تقدمت نحوه وكأنما هناك توجيه ان يبتعد الشباب الذين يتحلقون حوله لحظه استقباله ضيوفه .. وجدت شيخ موسى وانا اصافحه بذات الحيويه والشباب والصرامه التي تقفز من عينيه والجديه التي تكسو وجهه..
  • لم يسرق السجن هيبته وقوته.. ولم يرسم القيد على وجهه البؤس والحزن..
    ظل بتلك النضاره والصفاء وكأنه في القصر الرئاسي حيث يتواجد أناس خطأ في التوقيت الخاطئ.
  • قال لي شيخ موسى ، اتفضل على الصالون .. وسرعان ما نفذ اثنين من الشباب حديثه .. تحرك الشيخ مع ضيوفه .. وقادني الشابين للصالون غير الغريب علينا منذ سنوات طويلة.
  • في الصالون عدد من الرجال جميعهم بالزي الوطني الكامل .. قدم لي شاب حلوى فاخرة وأخر جاء بطبق مملوء بالبلح .. وثالث جاء بقوارير مياة صحة وخيرني بين فئة باردة واخرى أقل برودة.
  • في الصالون الغارق في الفخامه ذو الالوان الهادئه .. مثل هدوء شيخ موسى مجموعة من الصورة .. واحدة ضخمه جمعته بالنائب الأول الأسبق بكري حسن صالح .. كانا يتقاسمان الضحكات غير المبتذله مثلما حادث اليوم.
  • وصورة ثانية تجمع هلال مع الزعيم الراحل شيخ حسن الترابي .. الذي كان يستمع باهتمام لهلال .. بينما ابراهيم السنوسي يتابع .. وصورة ثالثة لهلال وسط قواته بالزي العسكري .. وهي الصورة التي ترعب الكثيرين .. فهلال هو (السم القدر عشاهم).
  • ورأيت صورة رابعة مع وفد اجنبي .. بينما غاب الرئيس السابق عمر البشير.. الذي صورت له مجموعة أن شيخ موسى لا تفوح منه الا رائحة الدم والبارود
  • يبدو غياب البشير عن صالون هلال الذي جلس فيه عدة مرات ، طبيعيا اذ أن الشيخ بدأ معارضا للانقاذ في السنوات الاخيرة .. وواحد من القلائل جدا ممن جاهروا بضرورة اجراء اصلاحات في طريقة ادارة الدولة .. كان وقتها صوت المعارضة خافتا – وان شئنا الدقة مبحوحا.
  • ذات الوقت الذي كان يقول فيه البعض (البشير فوق رأس أي زول) .. وكانوا (يتمسكنو حتى تمكنوا) .. كنت اقارن بين قوة شيخ موسى .. وضعف الاخرين .. وبين ذكائه وقراءته الدقيقه للمشهد .. وقلة حيلة من كانوا في تيار القصر.
  • قطع على شاب تأملاتي وقال لي الشيخ (عاوزك بره) .. خرجنا الي الصيوان في الشارع .. كان شيخ موسى يجلس على كرسي وثير وخلفه ثلاثة شباب يتلقى التهاني والتبريكات باطلاق سراحه.
  • كانت الفرحه تغمر الجميع .. وفي ذات الوقت يكاد الغضب يقفز من بين الاضلع
    .. ولسان حالهم يقول كم هو مفجعا ومبكيا ان يزج برجل مثل شيخ موسى في غياهب السجن.. لكن الشيخ خرج من محبسه مثل مارد انتظره الناس لينقذهم.
  • قبل أن أجلس الي جواره ، كان محدقا بعيدا مثل كاسر يتأهب للانقضاض على فريسته.. لمحت عينيه مليئه بكثير من الكلام .. وكأنها مشحونه بذكريات مثخنه بالجراح.. لكنه لم ينكسر لقسوة الاسر والاعتقال.. وكذلك فعلت اسرته وخاصة كريمته أماني .. التي دافعت عنه ببسالة الرجال.
  • قال لي الشيخ (وزنك زاد) من زمان .. اجبته (نعم زاد لكن أي شئ بقى خفيف).. بفراسة البادية وذكائه المعهود لم يحوجنى شيخ موسى للشرح .. وابتسم نصف ابتسامه .. كما لم تحوجنا الوفود الضخمة للقول ان شيخ موسى رقم لا يمكن تجاوزه.
  • لحظة وصولي كان منى مناوى غادر المكان .. وقال ان دارفور تحتاج لهلال .. لكن كل السودان يحتاج لشيخ موسى ومجلس الصحوة الذي يقوده.
  • لو تجاوزت الحكومة الانتقاليه شيخ موسى .. ستعض اصابع الندم مثلما فعلت الانقاذ.

السابق

طه سليمان يكشف عن عمره في عيد ميلاده

السابق

“التجارة” تعلن فتح صادر الماشية لكافة الشركات وتضع شروط

أكتب تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *