
عودة الأقاليم -(قوم ودع سيب الخرطوم!)
المرسوم الذي أصدره السيد رئيس مجلس السيادة فريق اول ركن عبدالفتاح البرهان بعودة نظام الأقاليم تنفيذا لما تم الإتفاق عليه فى جوبا بين الحكومة والجبهة الثورية -هذا المرسوم خطوة أخرى في الاتجاه الصحيح تقدم عليها حكومة الفترة الانتقالية مع صعوبتها وتعقيداتها ولكن فى الآخر لابد مما ليس منه بدء وفي الآخر لا يصح إلا الصحيح
كانت هناك فرصة ضائعة بعد اتفاقية الدوحة بين النظام السابق وبعض الحركات المسلحة منحت دارفور حق الاستفتاء حول نظام الحكم الذي يريده أهلها وكان بالإمكان تغليب حق دار فور فى ان تكون إقليميا واحدا ومن ثم تعمم التجربة بعد الحوار الوطنى وكنت قد ذهبت مع رئيس السلطة الإقليمية وقتها الدكتور التجانى السيسي في تطواف على دارفور الكبرى مبشرا بالإتفاق على العودة للنظام الإقليمي ولكن –
ولكن الحزب الحاكم وقتها كان له رأي آخر وهو تغليب استمرار نظام الولايات على عودة الحكم الإقليمي وبتقديرات تعزز من سيطرة المركز على مناطق السودان المختلفة وفي الآخر انتصر المركز على الأطراف وسقط هذا البند من اتفاقية الدوحة!
كثيرة هي الفوائد -في تقديري- من اعادة نظام الأقاليم وأولها هى إضعاف قبضة المركز على الأقاليم ومنحها صلاحيات وسلطات واسعة في إدارة شؤونها وتصريف ثرواتها
ان عودة الأقاليم تعنى قيام العديد من مراكز السلطة في السودان الشيء الذي ينهي الصراع حول مركز الحكم الواحد والقابض والذي يمكن ان يسقط السودان كله في النهاية فالقتال على المركز قتال على صنم من الوهم ولابد من تحطيم هذا الصنم بقسمة حقيقية للسلطة والثروة على الأرض وليس على الورق
بعودة نظام الأقاليم يصبح من حق أبناء اي اقليم حكم اقليمهم بالكامل والسيطرة على مواردهم بشكل تام مع الإبقاء على مركز حكم رمزي يربط بين الأقاليم ويعزز من الوحدة بلا تسلط
لن تعد السلطة في المركز جاذبة بعد ذهاب القدر الأكبر منها للأقاليم ولن تتركز الثروة في المركز وتصرف في شكل مال سيادي ورواتب ونثريات للعشرات من ممتهني السياسة والمتربصين بالمواقع التنفيذية
موارد الأقاليم سوف تذهب للتنمية والخدمات مباشرة ولن تدفع (اتوات) ورسوم للوزرات المركزية والوظائف السيادية
وبالعودة للحكم الإقليمي ستنمو عواصم الأقاليم وتتسارع حركة الموانئ والمطارات والاسواق فيها وبتطور هذه الأطراف ينهض السودان معا من كافة الاتجاهات فى وقت واحد
من يدري فقد تتطور التجربة في المستقبل البعيد او القريب لعودة الجنوب الحبيب تحت مظلة وطن واحد تتعدد فيه مراكز السلطة والثروة بما يحقق حلم الوحدة ولا مركزية الثروة والسلطة؟!