نجـــــــوم في الحــــرب
سلسلة حوارات يجريها
محمــد جمــال قنـــدول
الشاعر بشرى البطانة حديث الصراحة والشفافية
أنا مصنف (بلبوسي) ولا علاقة لي بالتمرد..
هذا ما دار بيني والمتمرد كيكل بفى دردشة واتساب (….)
خبر سقوط ود مدني وقع علي كالصاعقة
فقدتُ أعز أصدقائي (اللعوتة) ومحمد صديق وآخرين
جاري قال لي: (ما تبقى من منزلك السايفون والسيراميك)
قالوا للميليشيا (دا الزول البكتب أغاني الجيش لندى القلعة وميادة)
ربما وضعتهم الأقدار في قلب النيران، أو جعلتهم يبتعدون عنها بأجسادهم بعد اندلاع الحرب، ولكنّ قلوبهم وعقولهم ظلت معلقةً بالوطن ومسار المعركة الميدانية، يقاتلون أو يفكرون ويخططون ويبدعون مساندين للقوات المسلحة.
ووسط كل هذا اللهيب والدمار والمصير المجهول لبلاد أحرقها التآمر، التقيتهم بمرارات الحزن والوجع والقلق على وطن يخافون أن يضيع.
ثقتي في أُسطورة الإنسان السوداني الذي واجه الظروف في أعتى درجات قسوتها جعلني استمع لحكاياتهم مع يوميات الحرب وطريقة تعاملهم مع تفاصيل اندلاعها منذ البداية، حيث كان التداعي معهم في هذه المساحة التي تتفقد أحوال نجوم في “السياسة، والفن، والأدب والرياضة”، فكانت حصيلةً من الاعترافات بين الأمل والرجاء ومحاولات الإبحار في دروبٍ ومساراتٍ جديدة.
وضيف مساحتنا لهذا اليوم هو الشاعر بشرى البطانة، الذي طاله الاتهام بتعاونه مع المتمرد كيكل، فماذا قال:
أول يوم الحرب أين كنت؟
عدتُ من الخرطوم يوم الخميس قبل الحرب بيومين، ووصلت حلفا الجديدة “قريقس”، حيث أني عدت لحلفا لأداء واجب عزاء.
وأين كانت الأُسرة لحظة اندلاع الحرب؟
في بري، حيث أنّهم مكثوا فيها حتى يوم وقفة العيد.
هل عدت للخرطوم؟
لا.. أجرت لهم عربة أقلتهم لمدينة ود مدني.
ماذا كان شعورك لحظة اندلاع الحرب؟
افتكرتها انقلاب ساعة ساعتين والموضوع ينتهي.
لكن القصة طالت؟
جرت شديد.
ثم ماذا بعد أن وصلت الأُسرة ود مدني؟
استقريت في ود مدني مع الأُسرة.
كم مكثت في ود مدني؟
ثلاثة أشهرٍ.
وأين كانت الوجهة بعد ود مدني؟
عدت لحلفا وقضيت فيها شهرين.
هل تعرضت لمضايقات من الميليشيا؟
أكيد.. طبعًا في ناس قالوا لهم (دا الزول بكتب لندى القلعة وميادة قمر الدين، يعني الزول البكتب أغاني الجيش).
تلقيت تهديدات؟
لا.. لكن دخلوا منزلي ببري ودمروه بالكامل، وسألت جاري “دنقلاوي” قلت له (البيت فضل فيه حاجة قال لي:السيراميك والسايفون).
يوميات الحرب ماذا تقول عنها؟
أيام صعبة ولازالت مستمرة، بقينا (حارسين الواتساب والفيس) في انتظار الأخبار السارة.
عادة فقدتها مع الحرب؟
الفرحة الصادقة.. قدر ما نحاول نفرح ما بنقدر.
الحرب؟
تجربة مريرة جدًا.
ما الذي أوصلنا إلى هذا؟
الطمع من الدول الجارة، (وقبل كل دا طمع السياسيين في البلد).
السياسة؟
(ما بحبها خالص).
كانت لديك علاقة بالمتمرد “كيكل”؟
قبل الحرب.
وبعد الحرب؟
دردشة واتساب لموضوع ما زاد من ساعة ونصف الساعة، أطلقت فيها سراح 12 عسكريًا معتقلًا، وحاولت فيها إطلاق سيارة وفشلت المساعي.
هنالك اتهامات طالتك بأنّ لديك علاقات مع الميليشيا بسبب علاقتك بـ”كيكل”؟
(هو البقولوا الناس شوية).. لا علاقة لي بالتمرد، وبالعكس أنا مصنف “بلبوسي” وأتشرف، ولدي ثقةً مطلقة في دحر الميليشيا بفضل جهود القوات المسلحة التي نقف إلى جانبها صفًا واحدًا والمستنفرين والمشتركة.
ما هي العبر والفوائد المستفادة من هذه الأزمة؟
التفاف الشعب مع جيشه وارتفاع الحس الوطني.
ماذا خسرت في الحرب؟
خسرت كل شيءٍ من مال ومنزل وعربة.. تعب سنين راح، وكذلك الاتهامات التي طالتني بلا سند حقيقي والظلم الذي طالني.
في هذا الظرف العصيب هل كتبت الشعر؟
إلّا للجيش “بس” بكتب، (غير كدا صعب).
يعني شعر الغزل والأغنيات (بقيف)؟
ستقول إنّ الشاعر في النهاية إنسان، (ولا في نفس نكتب كلام زي دا ولا المتلقي عندو بال يسمع شعر زي دا).
غادرت البلاد إلى السعودية؟
(نعم سافرت بعد أن مكثت 5 أشهرٍ بالبلاد، مشيت قعدت زمن وجيت راجع، مكثت فيها 6 أشهرٍ وعدت للسودان) .
6 أشهر في السعودية، كيف كان الإحساس؟
كل ترقب.. (الناس برة وجوة) بقت منتظرة الفرحة بانتصار الجيش.
بعد 6 أشهر عدت للسودان؟
قسمت وقتي للعمل الطوعي 70 في المائة للنازحين، و30 في المائة للأُسرة الصغيرة ووالدتي.
مأساة عايشتها أيام الحرب؟
فقدتُ أعزّ أصدقائي علي بساطي “اللعوتة”، والملازم محمد صديق وآخرين كثر.
هذه الحرب مختلفة عن سابقاتها؟
شديد فيها حقد لا يوصف.
عشت ثلاثة أشهر في ود مدني، كيف استقبلت نبأ سقوطها؟
(زي الصاقعة.. يوم ونص ما دخلت في جوفي أكل.. كان حاجة صعبة خالص).
كلمة أخيرة؟
التحايا للشعب السوداني وقواته المسلحة، ونثق في انتصارها قريبًا جدًا.